حـــــلـــــــــــــــم عجيـــــب..

كان يوما تملأه زقزقات العصافير وترقص فيه الفراشات بأجنحتها اللافتة للنظر بما فيها من زخرفات وكانت أشعة الشمس الذهبية تداعب أهداب جفوني، كنت مستلقيا على ظهري في أحد المرج الخضراء تحفني الأزهار من كل الألوان كان النسيم ينقل لي عبقها الأخاذ الذي ينقلني من الكآبة إلى الانتعاش، التفت يمنة إلى زهرة الأقحوان الحمراء كم هي جميلة سيما وأن دعسوقة فوقها تدب فيها دبيبا لا أكاد أسمعه لكني أتخيله، لم ألبث كثيرا حتى بدأت أغوص في أحلام جميلة..لست أليس في بلاد العجائب، لكني أنا هو أنا ههههه، طيب: بدأ حلمي بامتطائي جوادا أبيضا له جناحان قويان وفي منتصف جبينه يبرز قرن من العاج يعكس أشعة الشمس فيشتد بريقه في كل حدب وصوب، فحلق بي عاليا فانتقلت من خضرة المروج إلى زرقة السماء وبدأت النسمات تتخلل رئتاي فأحس بانتعاش يتتالى علي، هذا الانتعاش أذهب عني كدر الدنيا، وعكر جوها، وبينما أنا أحلق في السماء صادفتني فتاة ذات جمال أخاذ صافية الوجه بل وجهها مرآة يحاكي صفاء الماء، فقلت سبحان الله يخلق الله ما يشاء، فأمسكت بجماح فرسي فتوقف وكانت ماضية فقلت لها على رسلك، فأتتني على استحياءوقالت لي يا أيها الشاب ما ذا تريد مني؟ ربما كنت أنا أشد خجلا منها: قلت لها: لا أريد شيئا لكني أبحث عن طريق يوصلني إلى المقتصد الذي من أجله حلقت في السماء وقطعت الأميال، قالت: ما خطبك وكأنك تتكلم بالألغاز، فقلت لها انسي الموضوع من أساسه، فزاد استغرابها، وقالت لي بحق أنت غريب الأطوار،.. فقلت لها أوهذا باد علي قالت: نعم مثل الشمس في رابعة النهار، فأطلقت قهقهة تخفي خجلي، فقالت بجرأة قل يا وسيم هل أنت متيم؟ قلت لها وكيف عرفت؟ فقالت أو يخفى هذا على حورية مثلي، يا رجل أنا أحبك وأنتظرك من زمن بعيد والفتاة التي عشقتها وهمت بها، لا تبادلك نفس الشعور، قد وهبت قلبها لغيرك، فلماذا تصر على ملاحقتها، فقلت لها: ومنذ متى وأنت تحبينني، فأطلقت آهات وقالت بعد أن ربطت جأشها: منذ زمن طويل، كنت أراقبك من بعيد أراقب كل تحركاتك كل كتاباتك كل إيماءاتك، وكان قلبي يشتعل ويلتهب ويشتد أسى وحسرة كلما ألفيتك تتبع بقلبك من لا تعيرك نفس الشعور ولا حتى أقل منه، فقلت لها لقد صدق الشاعر حين قال ما كل مايشتهيه المرء يدركه * تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فانتثرت دموع هي كاللآلئ على خديها فزادتها جمالا على جمالها فلم أمتلك إلا أن كفكفت دموعها التي كانت حارة، ثم خطر ببالي لم لا أتذوق هاته الدموع هل تراها كدموعنا؟ فلما تذوقتها وجدتها عذبة حلوة وليست مالحة كدموعنا، فعرفت أنها ليست من الإنس، فقبلتني على جبيني وودعتني وقالت أنا بانتظارك لا تبتئس أنا لك قلت لها متى الوصال فقالت لي إذا ما طلقت الدنيا بما فيها ومن عليها سنلتقي فاصبر كما صبرت وضربت على فرسي فعاد بي إلى حيث كنت وأخيرا أفقت فوجدت نفسي أكتب على صفحات....تحياتي لكم